"عندما يتشبث أطفالي بي بشكل يزعجني، أقدِّم إليهم هاتفي الذكي لإبقائهم مشغولين"، قد تنطبق هذه العبارة على بعضٍ منًا على .الأرجح فمن خلال الأدوات الذكية أضحت المعلومات والمحتويات الترفيهية في متناول أناملنا. وبفضل وسائل الراحة التي توفرها، من السهل علينا الاعتقاد بأن تلك الحواسب الصغيرة قد لا تخلو من فائدة في مجال التنشئة الأبوية،
وبخاصة حين نتحدث عن الأطفال الصغار. فنحن نرجو أن يزدادوا ذكاءً يومًا بعد يوم، ونقرأ لهم لنعينهم على التعلم، ونوفر لهم سبل الراحة، ونساعدهم أيضًا على النوم، وهم يحبون ذلك فينا. لكننا لا نقدر أحيانًا على إحضار كتبهم المفضلة أو إضافة المزيد إلى ممتلكاتنا المحدودة والنفيسة في العالم الحقيقي؛ لذلك نلجأ إلى العالم الرقمي.
ومع ذلك، خلصت إحدى الدراسات المنشورة في دورية بيدياتريكس إلى أن الكتب المطبوعة مفضلة على الإلكترونية عند القراءة لطفل صغير، وهذا ما يدركه العديد من الآباء الآن. لكن عند تزايد الاعتماد على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية في حياتنا اليومية، يجدر التذكير بأن الكتب الورقية لا تزال الطريقة المثلى لتنشئة أجيالنا المستقبلية.
تأتي هذه الدراسة لاحقة لبحث سابق كشف أن قراءة الكتب المطبوعة تؤدي إلى تواصل تفاعلي بين الآباء والأبناء في مرحلة ما قبل المدرسة بشكل أكبر من القراءة باستخدام الأجهزة الإلكترونية. ومن خلال هذه الحقائق البحثية الأحدث، يتكشف أيضًا أن الآباء والأبناء الصغار يبدون تفاعلاً وتعاونًا أكبر عند قراءة المطبوعات.
ويكتسي هذا الاستنتاج أهمية كبيرة؛ لأن أساس جميع الروابط الوجدانية الأقوى بين الآباء والأبناء هو التواصل الذي يجعل الأطفال يشعرون بأهمية وجود آبائهم. ولا يهم إذا كان الطفل يفهم ما يتحدث عنه الأب أم لا؛ فالصوت وحده يمكن تفسيره كشكل من أشكال الانتباه.
صحيح أن تلك الأدوات الإلكترونية تفيد عندما تستخدمها بحكمة، ولن نجادلك في ذلك، لكن يجب ألا نغفل الطريقة القديمة المجرَّبة والحقيقية لقراءة الكتب. فليست الكتب المطبوعة أفضل من الإلكترونية فحسب، بل إن استخدام الأدوات الإلكترونية فترات طويلة قد يتسبب أيضًا في العديد من التأثيرات السلبية على الأطفال.
إذا قدَّمت الأجهزة الإلكترونية إلى أطفالك في هذه المرحلة العمرية المبكرة، فسيصبحون أكثر اتكالاً عليها كلما تقدموا في العمر. وكما أشرنا آنفًا، يميل الآباء اليوم إلى إعطاء أدواتهم الذكية لأطفالهم لا لشيء آخر سوى إلهائهم؛ حتى يتمكنوا هم من ممارسة حياتهم المعتادة، وهذا ما نطلق عليه اليوم الاندماج السلبي.
لعلك اكتشفت بنفسك أن الإفراط في الجلوس أمام الشاشات يؤدي إلى زيادة مخاطر الاضطرابات البصرية: كقصر النظر. وفوق ذلك كله، يؤدي أيضًا إلى ضعف التركيز ومشاكل في النوم والحركة البدنية. وهناك أيضًا تأثيرات على الصحة العقلية. فقد يتعرض الأطفال في بعض الحالات لتغييرات سلوكية، وقد يكبرون بمعدل أسرع من المعتاد، بل ويعانون أيضًا من الاكتئاب. وفي حالات أخرى، قد يعانون من اضطرابات انفعالية: كغلظة الطبع وفقدان الضبط الانفعالي والاعتماد على المزاج. يمكنك الرجوع إلى هذا المقال للحصول على شرح أعم لهذه المشكلة.
أخيرًا اتضحت معالم الصورة التي نحاول رسمها هنا، لكن نؤكد مجددًا على أننا لسنا ضد الأدوات الذكية. وعليه، هل تتذكر أننا ما زلنا نحتفظ بتلك الأشياء المصنوعة من الورق؟ الدفاتر؟ الكتب المطبوعة؟ ومع ذلك، يظل الشيء الأولى بالذكرى هو بناء علاقة وجدانية متينة مع أطفالك وتنمية شخصياتهم من خلال لعب دور في حياتهم بالقراءة لهم وتمضية وقت معهم ومد يد العون لهم. فالأطفال مستقبلنا؛ لذا يجب أن نفعل ما بوسعنا لهم اليوم حتى نجني الثمار غدًا!